أسماء النعيمي
بعدما شاهد العالم أجمع الإنجاز الكروي الذي حققه المنتخب الوطني المغربي خلال مونديال قطر 2022 والذي خلق الحدث آنذاك وحقق إنجازات لم تقم بها أعرق المنتخبات من قبل و جعل العالم أجمع يقف احتراما وتقديرا له ويبجل الكفاءة المغربية ليظل هذا الانجاز محفورا بذاكرة كل مواطن مغربي وعربي وإفريقي وحتى وإن كانوا أسود أطلسنا قد غادروا المونديال من المربع الذهبي إلا أن مغادرته كانت جد مميزة فخرجوا مرفوعي الرأس بقتاليتهم حتى آخر دقيقة ،
وبعد كل الدروس التي مررها خلال المونديال نراه الآن يجدد العهد ويساهم في نشر الصورة التي يستحقها هذا الوطن ويزرع القيم الإنسانية والاجتماعية في الجيل الصاعد ليبهر العالم بتصرفه، إضافة إلى مساهمته الكبيرة في تحسين الوضع الاقتصادي للبلد من خلال جذب مستثمرين جدد ورفع نسبة دخل مجال السياحة بعد كارثة كوفيد .
ناهيك عن قدراته وحنكته الرياضية حتى لو أخفق الآن وخرج من ثمن كأس الأمم الافريقية سيظل بطلا مهما حدث .
لكن ما يجب التحدث عنه مطولا حول أبطال الفريق ليس هذا فمن يفهم في المجال الكروي أفضل قد كفى ووفى ولكن الاستراتيجية الكروية التي لازالت تجعل من منتخبنا بطلا هي من تستحق أن نصب تركيزنا عليها ،فهي الغاية الأهم لنا كعرب وأفارقة بشكل عام وكمغاربة بشكل خاص التي يجب أن نستنبطها بدءا من أسلوب الناخب الوطني وليد الركراكي الرجل العظيم الذي أثبت أنه الشخص المناسب الذي استحق منصبه وانتهاءا بالاعبين سواء القادمين من أندية محلية أو الذين أتوا من أندية دولية وفضلوا رفع عالم مغربنا الحبيب هؤلاء الأبطال الذين يستحقون كل الشكر على ما قدموه حيث باتوا يعطوا دروسا للعالم أجمع
أولًا :
– ترسيخ القيم الإنسانية والوطنية وتشجيع الجيل الناشئ للاعتزاز بها .
– العلاقة العائلية التي برهن كل بطل في الفريق أنها الداعم الأبرز لرفع المعنويات ورضى الوالدين والبر بهما من أساسيات النجاح ، وحتى لو عاشوا بدول المهجر بقيت الأسس المتينة للأسرة متماسكة.
– النية التي تدفع بالشخص لرسم أهداف وأحلام كبيرة مهما كان حجم المستنقع الذي أتى منه .
– منح الأجيال القادمة الثقة بأنفسهم ليركضوا وراء أحلامهم ويتشبثون بتحقيقها مهما كان الوضع يبدو صعبا .
– غرس حب الوطن في قلوب الابناء من قبل أمهات بسيطات لكنهن عظيمات بالرغم من اضطرارهن لمغادرة الوطن لأجل لقمة العيش إلا انهن لم يتناسين يوما الأرض التي ينتمين إليها .
– العطاء والقتال اللامشروط
– التضامن والتلاحم بين الأفراد والشعوب
– مشاركة الأفراح كما الأحزان مع جميع أفراد المجتمع .
– تغيير عقلية أننا مجرد عرب مجرد مغاربة وأولئك فرق عظيمة لا يمكننا الانتصار عليهم في يوم ما، مما غرس بذهن كل مغربي أو عربي أنه من العيب مواجهاتهم بهدف الانتصار وكأننا لا نستحق الفوز وهذا جعل المنتخبات الوطنية والعربية دائما مصطفة في المراتب الأخيرة في السنوات الماضية رغم الكفاءات الهائلة التي تمتلكها ولا تعرف كيفية استثمارها إضافة إلى عقدة النقص أمام الغرب التي ظلت تلاحقنا منذ عقود، وغرست فكرة الهجرة في قلوب الشباب أملا في الوصول لمًا تمكن منه أبناء الغرب . كذلك رأينا النماذج التي أضفت على الفريق لمسات فنية ستسجل في التاريخ بعدما تمت إهانتها من قبل وحُجّم من قيمتها لكنها استطاعت الخروج من القاع والوثوق بالكفاءة التي تمتلكها لتصل نحو القمة ، هذه النماذج التي نتمنى ألا يعيش بطلا آخر من أسود الأطلس ما عاشته سابقا . وكل هذه الدروس التي تم تمريرها للعالم من قبل الفريق الوطني العظيم علينا الاقتداء بها والعمل على استغلالها كل من مكانه لتغيير العقليات وبذل أقصى ما بالوسع لنيل ما نستحقه على هذه المستديرة.
وأخيرا نتمنى أن تكون هذه النجاحات تحفيزا
للنهوض من جديد بكل المجالات التي تساهم في تقدم وازدهار وطننا وأيضا تكون فرصة لتثمين المجهودات التي بذلها ويبذلها الشباب المغربي الطموح الذي يجتهد دوما لرفع عالم بلادنا الغالي نحو القمة ، وأن نتخذ العبرة جميعا وكفانا تنمرا وانتقادات سلبية حول ما حدث بالكوت ديفوار لأن بعد ملحمة قطر أصبح العالم كله يحمل المنتخب الوطني المغربي أكثر من طاقته ، ناهيك عن الضغط الإعلامي والأسئلة التافهة من قبل الصحافة الصفراء التي تلهث وراء الشهرة ،إضافة إلى التعليقات الخارجة عن المعقول المملوءة بالحقد عبر وسائل التواصل الاجتماعي ،نتمنى ألا ننسى ما قامت به هذه المجموعة المقاتلة بدءا من المدرب حتى آخر لاعب موجود في التشكيلة وألا نكون بلهجتنا “نكارين الخير ” ففي النهاية
الكرة تعني الخسارة والفوز لكن في مجتمعاتنا تعني أن اللاعب والطاقم الذي معه مجبرين على الفوز دائما ، وعلينا جميعا أن نكون سندا للاعبين مهما كانت النتيجة فما قدموه للرياضة المغربية ولهذا الوطن أكبر بكثير من كل شيء .